بقلم ندي محمود
الآخر باعتذار وخوف
_ حقك عليا ياباشا مقصدش .. أنا اتصلت بس عشان اقولك على الأخبار اللي تخص بنت حضرتك
جذب كامل انتباه عندما هتف باسم ابنته وأجاب عليه بغلظة صوته الرجولي متلهفا
_ ومستني ايه اخلص اتكلم !
هتف الطرف الآخر يطلعه بكافة المعلومات التي توصل إليها
_ شكك طلع في محله ياباشا هي فعلا قاعدة مع اللي اسمه حاتم الرفاعي ده في أمريكا
_ خلال أربعة وعشرين ساعة عايز اعرف كل حاجة عن حاتم بيته فين ومكان شغله كل التفاصيل والأهم تعرفلي عنوانها
_حاضر يا باشا بكرا هتكون كل المعلومات عندك
انهي معه الاتصال والقاه على الفراش والإبتسامة لا تزال تزين ثغره هاهو أخيرا سيجد ابنته بعد رحلة بحث مرهقة لمدة شهرين عنها .. لا يعرف كيف لم يفكر بذلك الشاب من البداية واحتمالية وجودها معه التي ثبتت بالفعل .. كانت والدته صديقة زوجته من سنوات طويلة منذ أن كانت ابنته تبلغ من العمر الخامسة عشر وتعرفا على بعضهم واصبحوا اصدقاء مقربين منذ ذلك الوقت ولكنه الآن حين كان عليه أن يفكر به هو أول شخص ويضع احتمالية اختباء ابنته معه لم يخطر على ذهنه إلا مؤخرا ! .
تمسك بهاتفها تتصفح مواقع التواصل وهي جالسة على الأريكة في الصالون وبيدها كوب اللبن الصباحي الخاص بها .. ترتشف منه القليل ثم تضعه على المنضدة الصغيرة التي أمامها وتكمل تصفحها ومن ثم تعود وتلته لترتشف منه مرة أخرى وهكذا على هذا الوضع الوضع .. حتى ظهرت أمامها فجاة على الهاتف صورة لفريدة وكانت بين أحضان عدنان على متن مركبة صغيرة يخت ومن حولهم المياه .. توقفت أصابعها عن التقليب وبقت تحملق بالصورة بوجه خالي من التعابير فقط قسمات وجهها تشجنت وعيناها ثابتة على الصورة تتفحص كل تفصيلة بها .. ابتسامتهم العريضة والطريقة التي يضمها بها واحتوائه لها بحب يظهر في عيناه .. نزلت بعيناها على تاريخ نشر الصورة فوجدتها في صباح اليوم ! ارتفعت ابتسامة ساخرة على ثغرها وهي تهتف باستنكار
كانت على وشك أن تعود وتستكمل تفحصها للصورة لكنها نزلت بأصبعها لأسفل على شاشة هاتفها اللمس حتى تمر هذه الصورة وهي تهتف پغضب
_ بلا قرف أنا مالي .. كدا كدا هطلق ڠصب عنه
خرجت هنا من غرفتها وهي تركض باتجاه أمها وتمسك بالمجسم الصغير الذي صنعته بمكعابتها الخاصة وترفعه أمام أعين والدتها تقول بفرحة طفل أنجز عملا مبهرا بالنبسة له
اطالت النظر في المجسم الذي ترفعه ابنتها أمامها بشرود للدرجة التي جعلتها لم تراه حتى فقط تحدق به بعدم وعي لكن شعرت بكف صغيرتها وهي تهزها في قدمها وتهتف
_ مامي
عادت لواقعها ونظرت مرة أخرى للمجسم وهذه المرة أدركت الشكل البسيط التي صنعته صغيرتها فارتفعت الابتسامة لشفتيها وقالت بانبهار حتى تعلي من معنويات طفلتها
جلست هنا على الأرض وبدأت بفك المجسم وهي تهتف بحماسة لتعلم أمها الطريقة التي فعلته بها
_ هوريكي
تابعتها وهي تعيد بنائه من أول وجديد وتبتسم بحنو أمومي ومن دون أن تشعر وجدت عيناها تذرف الدموع لا تعرف لما بكت ولكن هناك غصة مريرة بحلقها وقلبها يؤلمها بشدة .. لم تكن يوما تتوقع أن جلنار الرازي سيحدث فيها هكذا تلجأ لبلاد غريبة هي وابنتها هربا من ظلم أبيها وزوجها لها .. لم يعد لديها أحد هي فقط بمفردها بصحبة حاتم .
وتجلس بجوار أمها تقول بعينان حزينة
_ انتي بټعيطي ليه يامامي الهرم اللي عملته وحش !!
جففت دموعها فورا ونظرت لها تقول بحب وهي تحتضن وجهها الصغير بين كفيها وتلثم وجنتيها
_ لا بالعكس ده رائع ياقلب مامي .. أنا تعبانة شوية ياحبيبتي بس
ارتمت الصغيرة عليها تتعلق برقبتها وتقول بعبوس وضيق
_ طب مش ټعيطي نروح الدكتور عشان تبقي كويسة
ضحكت ببساطة وزدات من ضم صغيرتها إليها لتقول بمداعبة
_ حاضر مش هعيط تاني .. أنا كويسة .. إيه رأيك نعمل آيس كريم
ابتعدت هنا عن أحضان أمها وهي تطالعها بملامح وجهها الحزينة وعندما رأت جلنار الدموع متجمعة في
_ حبيبة قلبي أنا مقدرش اشوف دموعك .. أنا كويسة والله وهنروح نعمل آيس كريم جميل دلوقتي أنا وإنتي .. هاا إيه رأيك
اماءت لها هنا بالموافقة وقد بدأت الابتسامة ترتفع لشفتيها تدريجيا ثم اقتربت من وجنة أمها وطبعت قبلة رقيقة مثلها وهي تخرج همسة لطيفة تسرق القلب