بقلم ندي محمود
سمحت
الټفت عدنان برأسه ينظر للزبائن التي بدأت تلاحظ الوضع المشحون بالتوتر بينهم فجذبها من ذراعها عنوة إلى خارج المقهي وهتف بشبه صيحة وهو يضغط على ذراعها بقوة
_ قولي اللي تعرفيه ياهبة
تأوهت پألم وقالت بسخط ونبرة مرتفعة
_ سيب إيدي أنت اټجننت !!
ترك يدها ورفع كفيه لأعلى كدليل على أنه لن يلمسها مجددا ثم قال بنظرات مشټعلة
أجابته بنظرات مستاءة وهي تدلك ذراعها موضع قبضته المؤلمة عليه
_ معرفش غير إنها برا مصر وهي مقالتش ليا حاجة غير ده وآخر مرة أشوفها أو اكلمها كان قبل ما تسافر ومن وقتها معرفش عنها حاجة ..خلاص عرفت وياريت بقى متجايش تاني الكافيه عندي
ثم تركته ودخلت إلى المقهى مرة أخرى بينما هو فأخذ يطرح الأسئلة على ذهنه بحيرة ودهشة .. كيف خارج مصر وهي ليس لها أثر في سجلات المطار نهائي .
منذ سنين وهي تعاني من عڈاب الهوى ولا تتمكن من الاعتراف أو حتى الأقتراب منه .. كلما تأخذ خطوة وتبرر أنها ستتقرب منه أكثر لعله يشعر بمشاعرها تجاهه خجلها يرجع بها للخلف ألف خطوة لكنها هذه المرة عزمت على أن تتخلي عن هذه الخجل أو ربما القليل منه ! .
_ زينة !
لعنت نفسها ألف مرة وهمست بندم
_ يارتني ما سمعت كلامك ياخالتو
أخذت نفسا عميقا ثم استدارت له مرة أخرى. بجسدها وانتظرته حتى اقترب ووقف أمامها لتهتف متلعثمة كالعادة
أجابها آدم ضاحكا
_ لا فاضي .. تعالي ادخلي هفرجك على التجهيزات اللي خلصت ونقعد نشرب فنجانين قهوة مع بعض
زينة بابتسامة متوترة
_ مبحبش القهوة !
آدم
_ خلاص هنشرب شاي يازينة .. ادخلي يابنتي مالك متصنمة كدا ليه !
لم يكن آدم بأحمق حتى لا يفهم مشاعرها تجاهه ولكنه كان يتصرف بطبيعية تماما وكأنه لا يدري بأي شيء .
في أمريكا ....
غربت الشمس وحل الظلام وكانت جلنار تجلس مع ابنتها على الأريكة أمام التلفاز يشاهدون أحد أفلام الأطفال المحببة لهنا .. لكنها لم تكن في حالتها المعتادة عندما تشاهد هذا الفيلم حيث كانت تجلس بجوار والدتها وتضع كفها أسفل وجنتها وعيناها معلقة على التلفاز دون أن تظهر أي تعبير وجه أو تفاعل فقط العبوس يستحوذ عليها .
حين يتصرف الولدين بأنانية وعدم حكمة ورزانة يكون الضحېة الوحيدة بينهم هو الطفل .
وهذا ما حدث بالضبط .. كل منهم فكر في طريقة تروق له حتى يكون مع صغيرته ولم يفكروا بماذا تريد هي وكانت النتائج هكذا تجلس الطفلة حزينة تعاني من اشتياقها لأبيها ولا تقوى على فعل شيء سوى الاستماع لحجج والدتها الواهية في غياب أبيها عنهم وابتعادهم عن منزلهم لكل هذه الفترة الطويلة ! .
تنهدت جلنار بعدم حيلة واقتربت من ابنتها تقول بخفوت
_ هنا .. هنكلم بابا بس بشرط
تهللت أساريرها فورا وقالت بفرحة غامرة
_ إيه هو
_ مش هنقوله احنا قاعدين فين .. لأن كدا المفاجأة اللي احنا عاملينها ليه هتبوظ
هنا باستغراب
_ مفاجأة إيه
أجابت جلنار بابتسامة عذبة
_ مش بابا عيد
ميلاده قرب احنا هنعمله مفاجأة حلوة وهنرجع البيت في يوم عيد ميلاده عشان يتفاجيء بينا لكن لو قولناله مكانا هياجي هو والمفاجأة هتبوظ
وثبت الصغيرة فرحا على الأريكة بمجرد سماعها لجملة والدتها حول عودتهم القريبة إلى منزلهم الأصلي وقالت بإيجاب في ابتسامة ماكرة وهي تغمز لها
_ مش هنقوله
أمسكت جلنار بهاتفها وطالعت صغيرتها بابتسامة متوترة بدأت دقات قلبها تتسارع وصوت بعقلها يلح عليها بطريقة مرهقة للأعصاب تراجعي لا تفعليها !! .. ستندمين صدقيني كانت على وشك التراجع بالفعل لكنها لم تفعلها على آخر لحظة فقط من أجل صغيرتها التي تتحرق شوقا لمحادثة والدها بعد