شغفـ،ـها عشقاً الفصل الرابع
لكن قلبه أجبره على الإفاقة بعدما يذكره بشأن زوجته، حاول جاهداً أن يفتح عينيه، فرأى الممرضة تضبط من وضع كيس المحلول فسألها بلسان ثقيل للغاية:
"رقية فين؟"
ردد ذلك السؤال مراراً و إذا به ينهض فجأة، يتلفت من حوله منادياً:
"رقية؟، يا رقية؟"
أوقفته الممرضة لتخبره:
"حضرتك رايح فين؟، ما ينفعش تقوم"
لم يكترث إلى تحذيرها، فرأى إبرة المحلول المُغذي متصلة بيده، ذراعه الأخرى محـ،ـاوطة بالجص و مرفوعة على حامل معلق حول عنقه و ساعده يستند على صدره، رفع يده المنغرزة بها الإبرة و قام بجذبها بأنامل يده المصابة بصعوبة بالغة.
جاء الطبيب إليه ليوقفه عما يفعله:
"حضرتك رايح فين، أنت لسه تعبان و فى جسمك إصابات"
دفعه يعقوب من أمامه پغضب:
"أوعى من وشي، فين مراتي؟"
و كاد أن يخرج من باب الغرفة أوقفه حديث الطبيب، و كانت أقسى الكلمات التى سمعها طوال حياته
"المدام اللى جابوها معاك دخلت العمليات، الدكاترة حاولوا ينقذوها هى و الجنين، أنقذوه و دخلوه الحضانة لكن مع الأسف كانت إصابتها قوية و حاصلها نزېـف فى المخ، البقاء لله"
يقف الآن خلف الزجاج و يرى ولده الذى كُتب عليه أن يولد لطيماً، استند يعقوب بيده على الزجاج و ينظر إلى المولود بأعين تجمعت بداخلها الدموع فتساقطت أول دمعة و انزلقت على خده، يتذكر أخر لحظاته مع معشوقة فؤاده و التى لم يحب سواها، جاءت وذهبت فى لحظات، و كأن عمره ينحصر فى تلك الفترة فقط.
"أنا و أنت يا بني بقينا زى بعض من غير أم، كانت حبيبتي و مراتي و أمي"
"حضرتك والد الطفل اللى والدته جت فى حاډثة؟"
انتبه إلى سؤال الممرضة، ألتفت إليها و هز رأسه بالإيجاب، فسألته و فى يدها قلم و تقرير طبي:
"حضرتك هاتسميه إيه؟"
عاد ببصره إلى صغيرهِ و أجاب:
"يوسف يعقوب عبدالعليم الراوى"