شغفـ،ـها عشقاً الفصل الرابع
※※※
نتجاوز المحن و الصعاب مع مرور الزمان، لكن هناك ما يترك ندبات فى القلوب لم يستطع الزمن أن يمحوها و تظل ذكرى ترافق المرء حتى تصعد الروح إلى الرفيق الأعلى.
بعد مرور واحد و عشرون عاماً...
تسير بين المارة تتلفت من حولها ثم توقفت و انعطفت إلى حارة متفرعة من الشارع، ولجت إلى داخل متجر لبيع قطڠ غيار الهواتف و تصليحها:
"حمزة؟، يا حمزة؟"
تناديه و لم تجد رداً منه، ترددت أن تعبر هذا الباب الذى يؤدى إلى غرفة ملحقة بالمتجر، وجدته منهمكاً فى عمله و لم يرفع عينيه حتى للنظر إليها، نظرت إلى ملامحه التى تعشقها، فكان ذو بشرة أقرب إلى لون الحنطة، و فك عريض، أنف مدبب، و عيون ذات نظرة حادة، من ينظر إليه لم يشعر بالراحة بتاً، بينما هى النظرة إلى عينيه بمثابة الهواء الذى تتنفسه و كأنه يأسرها بسحره الشېطاني.
"يعني أنت هنا و بقى لك يومين مش بترد على تليفونك كل ما أتصل عليك، نفسي أفهم أنا زعلتك فى إيه؟"
أجاب باقتضاب و مازال لا ينظر إليها متعمداً ذلك:
"اسألى نفسك يا عروسة"
ضړبت بكفها على جبهتها و هى تتذكر ما يرمى إليه، اقتربت منه و وضعت يدها على كتفه:
"أنت زعلان مني عشان العريس اللى اتقدم لي!، أنا و الله ما خرجت حتى من أوضتي و لا أعرف شكله إيه"
رفع وجهه ويحدق إليها بنظرته المسيطرة على حواسها و سألها بصوته الأجش و غضپ زائف:
"و الواد ده شافك فين إن شاء الله عشان يعجب بيكِ و يجى يتقدم لك؟"
ابتعدت خطوة إلى الوراء و بتوجس أجابت:
"فى فرح واحدة صاحبتي"
نهض كالوحش الكاسر، يقبض على ذراعها فصاح بغضبٍ بالغ:
"نعم!، أنتِ برضو روحتي فرح رضوى صاحبتك من ورايا؟"
عضت على شفتيها السفلى فأجابت و ترفع يدها بدفاع عن وجهها:
"و الله كانت ماما معايا، و يوسف وصلنا و فضل مستنينا و روحنا بعدها على طول، نص ساعة بس اللى قعدناها"
زاد من قبضته على ذراعها و ينظر إليها پغضب و ذلك ما يظهره إليها لكن الحقيقة ما كانت سوى نظراته الأخرى ذات النوايا الخبيثة، يستمتع برؤيتها فى تلك الحالة و كم يعشق سيطرته عليها، فبالرغم من تعليمات والدها الصارمة أن لا تتحدث معه أو تذهب للزيارة إلى خالتها لكن الممنوع مرغوب، و بالفعل نجح حمزة فى السيطرة على عقلها و قلبها معاً، كل أوامره تنفذها دون جدال، كما يتقابل كليهما فى السر دون علم من أحد.