الأربعاء 18 ديسمبر 2024

عزلاء بقلم مريم غريب

انت في الصفحة 1 من 86 صفحات

موقع أيام نيوز


_ ! _
جليم الأسكندرية في الواحد و الثلاثون من تشرين الأول ..
إكتظت الساحة الضخمة المصممة ببراعة و حرفية علي الطراز الإيطالي بالمصوريين و الصحفيين من جهة و المدعوين من جهة أخري
جميعهم جاءووا لحضور حفل الزفاف الأضخم علي الإطلاق هذا الموسم لنجل عين أعيان مدينة الأسكندرية و أحد أكبر الشخصيات التجارية و الإستثمارية بالبلد كلها يحيى البحيري ..

في زفاف أكثر من أسطوري يتزوج الإبن و الوريث الأكبر لعائلة البحيري داخل قصرهم الفخم الذي يتألف من 322 غرفة و ثمانية وجهات خارجية بحدائقها الشاسعة من چيچي الحداد إبنة السياسي المعروف رشاد الحداد ..
و بعد إتمام إحتفالات الزواج الأولية التي إستمرت لثلاثة أيام أقيمت الليلة مآدبة عشاء ضخمة ضمت أكثر من 700 شخص و قد وصلت تكلفة الزفاف بالمجمل إلي أكثر من عشرة ملايين جنيها
جري الزفاف وسط حراسة أمنية مشددة سهرت علي حماية المدعوين من رجال أعمال و شخصيات دبلوماسية و سياسية كما شارك في إحياء السهرة العديد من الفنانين و المطربين المشهورين ..
علي الجانب الأخر .. إستطاعت السيدة فريال المهدي التملص من حشود الضيوف و ذهبت لتحث إبنها في عجلة لبدء عقد القران
إستجاب لها بفتور و قاد عروسه إلي منتصف الساحة حيث يجلس المآذون في إنتظار قدومهما و حالما جلس الجميع أرخي المآذون محرما أبيض علي يدي والد العروس و خطيبها المتعاقدتين علي القران و علي مرآي و مسمع الحضور مضي العقد عبر مكبرات الصوت المنتشرة بكل مكان ..
طقس تقليدي معتاد شمل تعهدات واهية راح يرددها العريس وراء المآذون و إبتسامات العروس المصطنعة التي راحت توزعها هنا و هناك و بعض الأفواه المزمومة من حولهم لا تعرف كيف تصنفها حقد أم غيرة أم لامبالاه !!!
بارك الله لكما و عليكما و چمع بينكما في خير.
عند نطق المآذون بها صدحت صفارات و صيحات صاخبة و قام القعود من مجالسهم مهنئين في خضم التصفيق الحار و إتجه الرجال نحو العريس بالمصافحة و الأحضان
لتأتي أمه الرائعة من بعدهم و بكفيها الناعمين تكوب وجهه المشعر بلحيته الكستنائية الكثيفة تأملها هو بإعجاب خالص فكعادتها لا زالت تفاجئ الجميع بجمالها الذي لا يذبل أبدا و بطلتها التي ټخطف الأنفاس
و خاصة الليلة بإرتدائها فستانا طويلا بلون النيود من مجموعة ريزورت شانيل بدا منسجما مع لون بشرتها الناصعة المشربة بالحمرة و أكملت إطلالتها الساحرة مع حذاء بكعب عال باللون الأسود من العلامة التجارية الإيطالية و بعض المجوهرات القليلة البسيطة التي وضعتها ..
مبروك يا حبيبي.
قالتها فريال برقة و همس في آذنه و هي تعانقه بسعادة لينحني هو و يقبل يدها أمام عيون الكاميرات المصوبة نحوهما فبدورها تمسح علي خصلات شعره الطويلة بحنان
حضر والده في اللحظة التالية و أمسكه من رسغه بحزم و هو يخطو به بعيدا قليلا ثم يقول له بصوت خاڤت لا يسمعه إلا هو 
خالي بالك .. مش عايزين مشاكل إتصرف بعقل سامعني 
هكذا حذره بصرامة و هو يرمقه بنظرات حادة كزيادة تأكيد لاحظت فريال ما يدور بين الأب و الإبن فأحست بجو من التوتر بدأ يخيم فجأة
إقتربت منهما و تساءلت بقلق 
يحيى ! في حاجة و لا إيه 
إلتفت يحيى إلي زوجته و قال بلهجة هادئة و كأن شيئا لم يكن 
مافيش حاجة يا حبيبتي اطمني .. بالعكس كل حاجة كويسة و الليلة مشيت زي ما احنا عايزين بالظبط .. ثم أدار وجهه إلي إينه و أكمل بنفس الهدوء و الثقة 
انا بس كنت ببارك لعثمان و بستعجله كفاية كده بقي السهرة طولت و رشاد الحداد بيقول شاليه العرسان جاهز و كله تمام .. لازم يمشوا دلوقتي !
إستطاع يحيى بكلمات بسيطة أن يخدع زوجته التي إبتسمت الآن و هي تسند رأسها علي صدره و لكن لم يستطع خداع إبنه ليس بعد أن علم بكل شيء !!
أخيرا إنتهت ليلة العرس التي وصفت بأنها أشبه بحفل ألف ليلة و ليلة و غادر العريس مع عروسه في سيارة ڤيراري مكشوفة إلي إحدي الشاليهات الفارهة بضواحي المدينة الراقية ..
كانت أضواء الشموع الحمراء العطرة تتراقص ظلالها علي جدار غرفة النوم الرومانسية و المفروشة كلها بالأبيض و الوردي
عندما دخل عثمان البحيري حاملا زوجته علي ذراعيه المفتولتين و برقة شديدة و ضعها فوق الفراش الناعم العريض
تصنعت چيچي الخجل أمامه و هي تسدل أهدابها المطلية بالمسكارا الداكنة و ترفع خصلات شعرها المتهدلة عن عينها
و لكنها سرعان ما تخطت حاجز الحياء المصطنع هذا و رفعت بصرها إليه في بطء
لتجده يطالعها بنظرات فاترة من خلال عينيه الناعستين دائما بصورة جذابة ..
في إيه يا عثمان .. تساءلت چيچي بإستغراب 
بتبصلي كده ليه 
إبتسم عثمان بخفة ثم قال و هو يدنو منها 
مافيش حاجة يا حبيبتي .. أنا بس بتآمل جمالك إنتي أصلك جميلة أوي يا چيچي خصوصا إنهاردة .. كنتي زي القمر.
أدارت وجهها عنه واضعة كفها علي فمها و هي تقهقه برقة ثم عادت تنظر إليه من جديد و قالت 
إنت كمان كنت حلو أوي .. كنت Prince يا حبيبي أصلا فرحنا يعتبر فرح الموسم و هيفضل حديث الناس كلها لسنين قدام.
وافقها بضحكة قصيرة قائلا بغموض 
من ناحية هيبقي حديث الناس كلها لسنين قدام فأطمني .. أنا واثق من ده يا حبيبتي.
و بدا و كأنه يقاوم ضحكة أخري فأحست چيچي بثمة شيء غير طبيعي يحدث معه
لتسأله بقلق 
مالك يا عثمان أنت كويس .. و واصلت بشك 
لا تكون واخد حاجة كده و لا كده !
ضحك بقوة ثم أجاب 
يا حبيبتي ماتقلقيش أنا تمام كل الحكاية إني مبسوط شوية.
و صعد بناظريه شيئا فشئ علي شعرها المصبوغ حديثا
تعرفي أن الشعر الأصفر لايق عليكي أوي .. فيلم مع بعض .. سألها بلهجةمرحةلترفع نفسها و تسند ظهرها إلي الوسادة مرددة بغرابة 
نشوف فيلم دلوقتي 
أومأ ببراءة 
آه .. و لا مش عايزة 
لل لأ .. خلاص زي ما أنت عايز نشوف فيلم.
إلتوي ثغره بإبتسامة خبيثة شاهدتها عليه قبل أن ينهض من أمامها فإزداد شعورها بالريبة و التوجس لكنها حاولت أن تسترخي مقنعة نفسها بأن هذه هي طبيعته أصلا
ماكر خبيث داهية مراوغ لا أحد يتوقع تصرافاته ..
عاد إليها سريعا و هو يحمل بين يديه حاسوبه المحمول جلس بجوارها و راح يلامس محرك السهم حتي وصل إلي ملف معين و فتحه ..
بدأت الشاشة المتوسطة بعرض فيلما تسجيليا
ضړبتها الصدمة في مقټل و هي تزيح بصرها المتجمد عن الشاشة لتنظر إليه .. سألته بلسان ثقيل 
أنت .. أنت إزاي إزاي صورت الحاجات دي 
ظهرت أسنانه الناصعة من خلف شفته حين إبتسم بشيطانية قائلا 
أنا في كل مكان يا بيبي في أي حتة تخصني من قريب أو من بعيد ليا عين.
ثم فاجأها و قبض علي شعرها پعنف و هو يقول پغضب شديد 
و يا جبروتك يا شيخة رايحة تقابلي حبيب القلب قبل فرحك بإسبوع ! كنتي فاكرة أنك تقدري تستغفليني فاكراني مغفل و لا بريالة يا بت ده أنا عثمان البحيري محدش يقدر يلعب عليا من ورا ضهري محدش يقدر يأكلني

انت في الصفحة 1 من 86 صفحات