الأربعاء 18 ديسمبر 2024

عزلاء بقلم مريم غريب

انت في الصفحة 4 من 86 صفحات

موقع أيام نيوز

رأسه نفيا و هم بملامسة وجهها بكفه لتصيح بغلظة 
شيل إيدك ياض.
جحظت عيناه من الصدمة و قال 
ياض ! إيه ياض دي إتعلمتيها فين يا بنت البحيري 
إوعي من قدامي يا صالح أحسنلك !
هتفت بصرامة فإستند بمرفقه إلي سيارتها و قال متسليا 
و لو ماوعتش يعني هتعملي إيه 
هتوعي من قدامي و لا أسيب عليك عنتر 
و رفعت الشبل ذا الفراء الذهبي أمام عينيه لينتفض مرتدا إلي الخلف من فوره و هو يقول بسرعة 
لا لا لا خلاص .. خلاص ياستي مع السلامة إنتي و عنتر.
نظرت إليه بتكبر و وضعت الشبل في المقعد الخلفي من السيارة ثم إستقلت بدورها أمام المقود و إنطلقت بها مخلفة غبارا طار كله في وجه صالح ...
في صبيحة ليلة عرسه ..
يدخل عثمان البحيري شركة عائلته و تبدأ همسات الموظفين عليه و بخاصة الموظفات ..
فواحدة تقول 
شايفين جاي رايق إزاي و لا كأنه طلق عروسته إمبارح !
فردت عليها الأخري 
يا تري طلقها ليه و في ليلة الډخلة كمان !
وبختها الثالثة 
و دي محتاجة فقاقة يا ذكية أكيد فيها حاجة أومال هيكون عمل كده ليه 
تمتمت رابعة 
خلاص بقي يا بنات الله أعلم الحقيقة فين ربنا يستر علينا كلنا.
إلتقط عثمان حوارهن كله أثناء مروره من جانبهن ليزداد شعوره بالسرور فها هي خطته قد أثمرت و أصبحت القصة كالعلكة في أفواه الجميع و هذا ما أراده أن يفضح زوجته السابقة هي و والدها ليعاقبها و يرد كرامته أيضا ..
دخل عثمان إلي مكتبه و طلب سكيرتيرته الخاصة و أمرها بتجميع حاجياته كلها و بفرز الملفات المهمة بالنسبة له ثم كلفها بعد ذلك بإرسال كل هذا إلي مقر شركته الجديدة مع أفراد الأمن و الحراسة ..
إنصرفت السكيرتيرة بعد تلقي الآوامر بينما رن هاتف عثمان ليتأفف بضجر إذ إنه يعلم جيدا من المتصل
و رغم هذا ضفط زر الإجابة و رد 
ألو !
أتاه صوت والده الحانق 
إنت فين يا باشا و مابتردش عليا ليه دي عاملة تعملها يا غبي !
عثمان ببرود
إهدا بس يا بابا مافيش حاجة حصلت و بالعكس أنا نفذت كل إللي إتفقنا عليه.
يحيى بإستنكار 
تبعت البت لأبوها في إنصاص الليالي بفستان الفرح و تكون مصلت الصحافة عليها يستنوها عند بيت أبوها و تقولي عملت إللي إتفقنا عليه إنت فضحتنااا.
تخيل عثمان الصورة التي رسمها والده بمخيلته لينفجر ضاحكا و يقول بغبطة
بس إيه رأيك بذمتك مش ضړبة قاضية رشاد الحداد هيلبس طرحة تداريه في مجلس الشعب من هنا و رايح.
و تابع ضحكه ليصيح والده بغيظ 
إنت يا غبي مش مقدر حجم الکاړثة إللي وقعتنا فيها إنت ودتنا في داهية.
أهمل عثمان حديث والده و عبس فجأة حين وصل إلي سمعه أصوات عراك في الخارج
أنهي مكالمته سريعا ثم مشي پغضب صوب الباب و جذب المقبض بقوة صائحا 
إيه الدوشة إللي هنا دي 

_ عرض ! _ 
توهجت عيناه و هو ينظر إلي سكرتيرته في ڠضب مطالبا إياها بتفسير ذلك الضجيج الغريب لتتلعثم الأخيرة و هي تجيبه بإرتباك 
مستر عثمان ! الأنسة دي دخلت عليا فجأة و مصممة أنها تدخل تقابل حضرتك قولتلها ماينفعش لازم تاخدي ميعاد الأول بردو مصرة و مش راضية تفهم.
إنتقل عثمان ببصره إلي تلك الضئيلة التي تقف بجانب السكرتيرة بوجه محتقن و أعين حمراء
شملها بنظرة فاحصة حيث عاينها من أعلي إلي أسفل بمنتهي الدقة و الجرأة ..
إستفزته لأقصي درجة فقد إجتذبه شكل وجهها الصافي المستدير و ملامحها الرقيقة التي تشي بالبراءة رغم تآججها لكنه لم يستطع رؤية المزيد منها بسبب ذلك الوشاح الداكن الذي إرتدته فوق رأسها كحجاب يحظر علي الناظر إليها رؤية شعرها و أيضا تلك الثياب الطويلة الفضفاضة التي منعته من تبين قوامها ..
أثارت فضوله و غضبه معا فزم شفتيه في شيء من الحنق ثم توجه إليها بصوته الخشن 
إنتي مين يا شاطرة 
تفاجأت كثيرا من رعونته الواضحة للعيان دون خجل إسلوب لا يتناسب البتة مع مظهره الراقي ..
لكنها تغاضت عنه و أجابت بثبات 
أنا سمر حفظي بنت الأستاذ شريف حفظي والدي الله يرحمه كان موظف عندكوا هنا.
أهلا وسهلا .. رد بفظاظة و أكمل 
إنتي بقي جاية عايزة إيه 
سمر بحدة 
جاية عايزة أقابل المسؤول عن الشركة دي .. و تحولت بحديثها إلي السكرتيرة 
من فضلك تبلغي أي حد مسؤول هنا إني طالبة مقابلة مستعجلة.
عثمان رافعا حاجبيه بدهشة 
و أنا مش مالي عينك و لا إيه 
سمر و هي تعود لترمقه بإزدراء 
إنت مين !
و هنا تدخلت السكرتيرة بسرعة قائلة بحرج 
مستر عثمان البحيري مدير الشركة و كمان يبقي واحد من أصحابها.
أهلا وسهلا .. قالتها سمر منتهجة نفس إسلوبه السابق معها
حدجها بنظرات ڼارية فأدركت أنها نجحت في إغضابه سرها هذا لكنها قالت بنبرة رسمية حازمة 
حضرتك أنا بقالي حوالي شهرين باجي هنا و بحاول أوصل لأي مسؤول أكلمه في حاجة ضرورية تخص شغل بابا بس للأسف كل مرة برجع زي ما باجي مابطلعش بنتيجة فلو أمكن يعني تساعدني إنت يبقي كتر ألف خيرك.
رمقها بنظرة خاوية مطولة ثم قال بإقتضاب 
إتفضلي.
و أشار لها بالدخول إلي مكتبه ..
سبقها إلي الداخل لتلج هي من بعده و تسمع صوت إغلاق الباب من خلفها بواسطة السكرتيرة
تبعته و هي تعاين الغرفة المستديرة الحواف في فضول و إنبهار شديد جدرانها خشبية و الأرض رخامية و هناك في مكان قاصي قليلا ركن أشبه بالمطبخ الصغير وضعت به ثلاجة صغيرة و آدوات صنع الشاي و القهوة
إتفضلي أقعدي .. قالها بعد جلوسه أمامها خلف مكتبه الضخم فإمتثلت لطلبه و جلست من جهة اليسار في المقعدين المقابلين له
عثمان متسائلا بهدوء 
خير بقي أقدر أساعدك إزاي يا أنسة 
سمر بهدوء مماثل متناسية موقفها العدائي تجاهه 
زي ما قلت لحضرتك أنا كان بقالي شهرين باجي هنا بسبب مشكلة تخص شغل بابا الله يرحمه عندكوا.
و إيه هي المشكلة بالظبط 
شرحت له سمر تفاصيل المشكلة ..
عثمان بجدية 
بس والدك علي حسب كلامك كان فني مصاعد مش مهندس أساسي هنا في الشركة.
مش فاهمة إيه الفرق يعني !
تنهد عثمان تنهيدة طويلة و قال 
الفرق إن والدك عامل بالأجرة لو كان في عطل بيحصل في المصاعد هنا كان بيجي يصلحه و خلاص يعني هو و كتير من زمايله إللي هنا في نفس شغلته أسمائهم مش في سجلات التوظيف عندنا لأن ببساطة إحنا مجموعتنا إستثمارية و تجارية و مش بنحتاج كتير للنوع ده من العمال إحنا بنطلبهم بس بالأجرة زي ما قلتلك.
سمر پصدمة 
يعني إيه !!
مط شفتيه بأسف و قال ببرود و هو ينقر بقلمه فوق سطح المكتب 
يعني للأسف والدك مالوش مكافأة نهاية خدمة عندنا لأنه مش موظف أصلا ممكن يكون له مستحقات تقدري و إنتي خارجة تسألي تحت في شئون العاملين إذا كان في باقي حساب يخصه و لا حاجة !
أصيبت سمر بخيبة أمل أطاحت بصوابها فلم تعد تسمعه و هو يكمل باقي كلماته بل راحت تستمع إلي سيل جارف من التساؤلات تفجر فجأة بعقلها ..
كيف ستدبر حالها كيف ستواصل حياتها من دون مال و أخويها .. ماذا ستفعل بشأنهما إنهما بحاجة إلي أشياء عديدة تمثل بقاء

انت في الصفحة 4 من 86 صفحات