الأربعاء 18 ديسمبر 2024

عزلاء بقلم مريم غريب

انت في الصفحة 5 من 86 صفحات

موقع أيام نيوز

كلا منهما فملك لن تعيش إذا عجزت سمر عن توفير الطعام و العلاج لها و فادي سيضيع مستقبله إذا ترك دراسته من أين تأتي بكل هذا الأمل الوحيد الذي إتكأت عليه وضح إنه كاذب .. لا مفر من المصير البائس ليس لها وحدها و لشقيقيها أيضا
بصورة تدريجية إنتصبت سمر واقفة دون أن تشعر رغم إرتخاء مفاصلها ثم راحت تردد باكية 
هعمل إيه دلوقتي هتصرف إزاي .. إخواتي هيروحوا مني .. مش هقدر أعملهم حاجة ملك ھتموت و أنا .. أنا السبب .. أنا السبب.
إنتي كويسة يا أنسة .. تسائل عثمان بشيء من القلق إلا أنه لم يلق إجابة
كانت الرؤية تنعدم من أمام سمر شيئا فشيئا إلي أن تلاشت تماما ..
لم تعد قدماها تقدران علي حملها فسقطت مغشيا عليها ..
وثب عثمان من مقعده و مشي ناحيتها بسرعة
إنحني صوبها و مد يده و هزها بلطف هاتفا 
يا أنسة ! .. إنتي يا أنسة ..
تململ عثمان بمكانه و هو يرمقها في حيرة 
أعملها إيه دي بقي .. غمغم لنفسه بخفوت ثم قام و توجه إلي مكتبه
ضغط زر الديكتافون المتصل بمكتب سكرتيرته و قال بصوت ثابت مسموع 
شيري .. إطلبيلي
دكتور الشركة فورا و تعاليلي بسرعة.
في مكان أخر .. حيث يستند إلي مكتبه رجل في العقد الخامس من عمره شعره الأبيض تتخلله بعض الشعيرات السوداء و يبدو عليه الهيبة و الوقار ..
يستدير فجأة إلي إبنته و يهوي بكفه الغليظ علي صدغها لتصرخ مټألمة و بسرعة تتلقاها أحضان شقيقتها الصغري ..
فضحتيني يا ساڤلة .. قالها رشاد الحداد بصړاخ و تابع 
سيرتنا بقت علي كل لسان جوزك طلقك يوم فرحك و الأسباب مش محتاجين نشرحها للناس مستقبلي و مستقبل أختك قضيتي عليه يا هخسر في الإنتخابات و هخسر كل حاجة بسببك يا إسمي بعد ما كان في السما خلتيه في الأرض.
تعالي صوت نحيبها بينما حاولت شقيقتها تهدئة رشاد بقولها 
خلاص يا بابي Please چيچي عارفة إنها غلطت و إنت عارف كمان إن عثمان غدر بيها ماكنتش عارفة إنه هيبعت وراها صحافيين.
رشاد پغضب 
إخرسي إنتي مالكيش دعوة أنا ليا حساب مع الكلب ده كمان بس مش قبل ما أخلص بإيدي علي ال دي .
چيچي پبكاء و هي لا زالت تحتمي بحضن شقيقتها 
إنت إللي غصبتني علي الجوازة دي أنا قولتلك مش بحبه و مش عايزاه .. ثم أكملت في تردد 
إنت السبب يا بابي !
رفع رشاد ذراعه و إجتذبها من شعرها صائحا 
أنا السبب فعلا أنا إللي سيبتلك السايب في السايب لحد ما فاجرتي و أخرتها سلمتي رقبتي لإبن يحيى البحيري.
تأوهت چيچي پألم و قالت بصوت مهزوز إمتزج بدموعها 
رشاد بخشونة 
مضتيله علي التنازل ليه 
صاح بإنفعال 
إنتي غبية ماكنش هيقدر يعمل أي حاجة كنت هتصرف أنا معاه و لا كنا إتفضحنا زي دلوقتي كده.
ثم أفلتها فجأة و إلتفت محدقا في الفراغ و هو يتمتم بشراسة 
ماشي يا إبن يحيى .. و الله لأكون جايبك الأرض مش هرحمك لا أنت و لا عيلتك !
إستيقظت ملك من نومها منذ حوالي ربع ساعة قضت هذا الوقت كله مستلقية وحدها دون حراك حتي ملت من و حدتها ..
فهمت بالصړاخ عاليا بقدر يجذب إليها أحد
أخويها هكذا تعلمت و حفظت الطريقة التي تستقطب بها إنتباههما وفقا لعقليتها الصغيرة
و بالفعل لبي فادي ندائها و حضر إليها فورا ..
سكتت ملك بمجرد رؤيته ليبتسم لها و يقول بلطف 
إيه يا ست ملوكة يا تري جعانة و لا صحيتي لاقيتي نفسك فاضية و قولتي أما أقرف فادي شوية هه .. ما تقوليلي إتكلمي ..
و راح يقوم بحركات بوجهه و هو يخاطبها فأخذت الطفلة تضحك له و هي ترفع ذراعيها الصغيرتين نحوه و تصدر أصواتا تختلط بضحكاتها
ضحك فادي معها ثم حملها و أخذ يلاعبها و يلاطفها ..
كانت ملك تحمل ملامح مشتركة بين كلا من والدتها و أختها سمر .. فمثلا ورثت لون بشرتها الناصعة و لون شعرها البندقي عن والدتها
أما خضرة عينيها الواسعتين فأخذتهما عن شقيقتها الكبيرة التي تمتاز هي الأخري بنوع خاص من الجمال يتمثل في شعرها الطويل الفاحم و بشرتها التي هي بلون الشوكولاتة الفاتحة و قوامها المتناسق الذي يحسدونها عليه جارتها و صديقاتها كلما يزورنها في بيتها ..
جلس فادي بالصالة و أجلس ملك علي قدمه ثم راح يهزها حتي لا تعود للبكاء بينما يشاهد هو إحدي المبارايات علي شاشة التلفاز الصغير ..
لفتت نظره سمر و هي تفتح باب الشقة بمفتاحها و تدخل فأغلق التلفاز و حمل ملك علي ذراعه و ذهب ناحيتها ..
فادي بتلهف 
ها يا سمر ! عملتي إيه 
رفعت سمر وجهها و هي تجيبه بتعب واضح 
فادي هبقي أحكيلك بعدين أنا جاية تعبانة و مش شايفة قدامي محتاجة أريح شوية و بليل هبقي أقولك علي كل حاجة.
عبس بقلق و سألها بلهجة هادئة 
مالك يا سمر إنتي كويسة 
أومأت رأسها إيجابا ثم قالت 
خلي بالك بس من ملك علي ما أصحي و لو جاعت أنت بتعرف تأكلها ممكن تصحيني بس علي ميعاد الدوا بتعها أنا أبقي أقوم أديهولها.
و تركته متجهة إلي غرفتها ..
و أخيرا إختلت بنفسها أغلقت باب الغرفة و للحال نزعت حجابها و هي تتنفس بعمق ثم تحرر شعرها من مشبك الرأس لينسدل بنعومة و إنسيابيه علي طول ظهرها
ألقت بنفسها فوق السرير و حدقت بالسقف لتعود لها ذكري نصف اللقاء الفائت ...
وجدته واقفا أمامها عندما فتحت عيناها كان يخاطب رجلا قصير القامة في منتصف عمره بدا شيء لا يذكر بجانبه ..
لم تسنح لها الفرصة لإستكشاف الكثير من الأمور إذ هبت من مكانها كقطة مذعورة و هي تقول بلهجة ناعسة متداخلة الأحرف 
أنا فين إيه إللي حصلي 
طمئنها عثمان بإبتسامة 
إطمني يا أنسة إنتي بخير ماتقلقيش جت سليمة أغم عليكي بس و دكتور حسين فوقك.
الدكتور حسين بلطف و لباقة 
حمدلله علي سلامتك يا أنسة عايزك ماتقلقيش إنتي كويسة خالص بس ناقصة تغذية إنتي ضعيفة أوي و محتاجة تاخدي بالك من أكلك و شربك أكتر عشان ماتحصلكيش إغماءة تانية.
كانت شيري سكرتيرة المكتب واقفة بجوارها فإنحنت صوبها لتعطيها كأس عصير قبلته سمر بإمتنان و هي تشعر برأسها يلف
بينما إنصرف الطبيب حسين بعد أن جمع آدواته داخل حقيبته و بدوره أصرف عثمان سكرتيرته لتباشر عملها في الخارج ..
سمر و هي تحاول القيام 
أنا مش عارفة أشكر حضرتك إزاي علي إللي عملته معايا !
عثمان بجدية 
خليكي مكانك يا أنسة إنتي لسا دايخة ماتقوميش دلوقتي.
لازم أمشي .. إتأخرت علي إخواتي.
طب بس أصبري أنا عايزك في موضوع.
سمر بإستغراب 
موضوع ! موضوع إيه يافندم 
سحب عثمان مقعد قريب و جلس فوقه مادا جسده نحوها ثم قال بهدوء 
أنا حاسس إنك واقعة في مشكلة .. ممكن تقوليلي لو تحبي أنا أقدر أساعدك.
سمر بشك 
تساعدني إزاي يعني !
هز كتفيه مجيبا 
أساعدك يعني أساعدك .. قوليلي بس إيه مشكلتك 
سمر بصمت و قد إنعقد لسانها لا تعرف بما تجيبه !
فلوس .. قالها بتساؤل و تابع 
إنتي خريجة أيه يا أنسة 
سمر مجيبة بلسان ثقيل 
تسويق و تجارة إلكترونية.
عثمان بإعجاب 
حلو .. حلو

انت في الصفحة 5 من 86 صفحات