عزلاء بقلم مريم غريب
فعلها الإجابة لم تأخذ منه تفكيرا طويلا إذ أن المسألة واضحة تمام الوضوح ليس هناك غيره .. رشاد الحداد يريد أن ينتقم منه ..
كز علي أسنانه في ڠضب جم و تمتم لنفسه
بتحرجم علي إيه يا رشاد يا حداد .. لسا في كارت في إيدي أقسم بالله لأندمك .. بس أعرف الأول مين إللي دخل بيتي و فكلي الفرامل.
إنتبه عثمان لصوت جلبة بأخر الممر فأدار رأسه ليري والديه و شقيقته يهرعون نحوه و الفزع باديا علي وجوههم ..
في إيه عثمان ماله إبن عمك .. قالها يحيى بتساؤل و أردف
إحنا لسا شايفين الخبر في الجرايد و الصحافيين واقفين برا أد كده إنت إزاي ماتقولناش حاجة زي دي إزاي نعرف من الغرب
نطق أخر كلماته پغضب ليرد عثمان بهدوء شديد لا يتناسب إطلاقا مع الموقف
ماحبتش أخضكوا عموما ماتقلقوش حالته مستقرة لحد دلوقتي.
فين صالح رد عليا هو فين أنا السبب في إللي حصله .. لو ماكنتش طلبت منه يروح بدالي المستشفي إمبارح !
و إنهارت أكثر لتحاول فريال أن تهدئها
ضمتها إلي صدرها و أخذت تمسد علي شعرها و ظهرها بحنو بينما أخذ يحيى إبنه من يده و وقفا بعيدا ليتحدثا بسرية ..
عمل الحاډثة بعربيتك .. إنت المقصود مش هو !
عثمان بنظرات غامضة
عارف .. و عارف كمان مين إللي وز عليا بس مش هسكت.
أحمر الأخير ڠضبا و هو يغمغم بإنفعال مكبوت
إنت مش هتعمل أي حاجة إحنا مش ناقصين كفايانا فضايح.
عثمان بغلظة و قد علا صوته
يعني إيه عايزني أطرمخ عالموضوع عايزني أسيب حقنا كلنا بلاش إحنا .. حق صالح المرمي جوا ده !
أنا ماقلتش هنسيب حقه .. في حاجة إسمها قانون و إحنا مش قليلين في البلد.
أطلق عثمان زفرات حانقة و هو يشيح بوجهه عن أبيه بينما وضع يحيى يده علي كتف إبنه و ضغط بخفة و هو يقول بحزم
عايزك تهدا شوية و ماتتهورش نطمن بس علي إبن عمك و بعدين هنتصرف.
أستاذ يحيى البحيري !
إلتفت يحيى وراءه ليرد علي محدثه
كان شرطيا وقف أمامه و خاطبه بلهجة رسمية مهذبة
أسف يافندم عارف إن مش وقته بس معلش لازم نفتح محضر بالحاډثة دلوقتي .. و وزع نظراته بينه و بين عثمان مكملا
هما شوية أسئلة لحضرتك و لعثمان بيه.
أومأ يحيى بتفهم و قال
إحنا تحت أمرك يا حضرة الظابط.
في منزل سمر ... إنه اليوم المنشود ..
منذ بزوغ النهار كانت في إنتظار مكالمة العمل التي وعدها بها عثمان البحيري
ماذا يعني هذا ألن يفي السيد عثمان بوعده لها ألن يعطها المنصب الذي أشار إليه هل كان يقول ذلك عبثا كان يتسلي
حتما كان يتسلي .. إبتسمت سمر بسخرية و حدثت نفسها بخفوت كنتي فاكرة إيه يعني يا غبية معقول هيقبل يشغلك عنده في وظيفة زي دي .. كان
بيضحك عليكي يا هبلة هو إتجنن يوظف سكرتيرة مش مدربة و معهاش شهادة خبرة كان بيقولك كده و خلاص .. إكتفي بإنه ساعدك بالمبلغ إللي خدتيه منه قال يحسن عليكي يعني عمره ما كان هيعمل أكتر من كده طبعا .. فوووقي !
عادت سمر لأرض الواقع عندما دق جرس هاتفهها إنتفضت في مكانها غير مصدقة و بيد مرتعشة إلتقطت الهاتف من فوق الطاولة أمامها
لكنها أصيبت بخيبة أمل كالعادة إذ كان المتصل ليس سوا شقيقها ..
ألو يا فادي ! .. أجابت بلهجة فاترة متعبة ليأتيها صوت فادي من وسط ضجيج زحام و عدة أصوات متداخلة
أيووه يا سمر ! هاا طمنيني .. الناس بتوع الشركة دول كلموكي
سمر و هي تحاول سماعه بوضوح
الناس بتوع الشركة .. لأ لسا محدش كلمني إيه يا فادي الدوشة دي إنت فين يابني
أجابها بصعوبة
أنا دلوقتي داخل أستلم الكتب.
داخل تستلم الكتب و هي الكتب عليها الإقبال شديد أوي كده !
فادي متهكما
إقبال إقبال إيه يا حبيبتي ده في عركة هنا .. ثم قال بجدية
المهم قوليلي لسا محدش كلمك يعني
سمر بحزن
قولتلك لسا !
خلاص يا بنتي ماتزعليش أصلا الحمدلله كويس إنهم ماتصالوش أنا ماكنتش مرتاح للموضوع ده بكره أنا هدور علي شغل و مش هنحتاج لحد إن شاء الله.
إن شاء الله.
ملوكة عاملة إيه
كويسة أهيه نايمة في أوضتي.
طيب مش عايزين حاجة أجيبها و أنا راجع !
لأ يا حبيبي ترجع بالسلامة .. و تبادلا السلام ثم أغلقا معا ..
تنهدت سمر تنهيدة مطولة مثقلة بالحزن و العجز اللذين تشعر بهما منذ وقت طويل و أخذت تفكر في سبيل جديد تسعي إليه لسداد إحتياجات كلا من ملك و فادي
حيث أنهما أغلي ما تملك في الحياة و من أجلهما هي علي أتم الإستعداد بأن تلقي بنفسها في ڼار السعير لم تعد تفكر في حالها كما في السابق قبل أن يتوفا والديها
لقد زهدت حياتها و أوهبتها كلها لرعاية شقيقيها لم تعد تفكر في الإرتباط أو الزواج ببساطة لأن إمكانياتها محدودة إن لم تكن معډومة !
لتوفر المال لأخيها و أختها .. هما بحاجة إليه أكثر منها لتضحي لأجل سعادتهما حتما ستحصد نتائج مرضية بالنهاية و لن ټندم ..
هذا كان تفكيرها في البادئ و ما رتبت عليه مخططاتها المستقبلية أيضا ملك و فادي أولا ثم نفسها و لكن حتي نفسها تأخذ منها بحدود معينة و لا تجور يوما علي حقوق أخويها ..
صدح فجأة صړاخ ملك مدويا بالأجواء فقامت سمر و هرعت إليها بسرعة
كانت الطفلة تبكي بصړاخ مټألم و هي تتلوي في سريرها الصغير بينما إنحنت سمر فوقها لتري ما بها
مسحت علي شعرها القصير الأملس في لطف و تمتمت بعذوبة
إيه يا لوكا .. مالك يا حبيبتي بټعيطي جامد كده ليه .. إنتي جعانة ها ! أحضرلك أكلك
أزادت ملك من وتيرة بكائها لتعبس سمر بضيق و هي تمسح لها دموعها ثم تحملها بين ذراعيها
راحت تهدئها و تؤرجحها و هي تقبل وجنتها الحمراء المكتنرة بخفة .. فإنتبهت پذعر لدرجة حرارتها المرتفعة عندما لامست بشرتها الملتهبة بشفتيها ..
أمسكتها بإحكام و هي تضعها بين صدرها و ذراعها الملتف حولها ثم رفعت ذراعها الأخر و تحسست وجهها الصغير بكفها ..
يا خبر ! .. همست سمر في هلع و تابعت
حرارتك عليت كده إزاي و ليه فيكي إيه بس يا ملك كل شوية بتتعبي !
و عادت بها إلي الصالة حيث تركت هاتفهها هناك أجرت الإتصال بفادي مرة إثنان
ثلاث .. لكنه لم يرد ..
فلم تجد أمامها حلا أخر إرتدت ملابسها بسرعة و أخذت شقيقتها و نزلت من البيت متجهة إلي المشفي ..
يعني إيه عنده حصانة و محدش يقدر يقرب منه .. قالها عثمان بعصبية و هو يجادل الشرطي الواقف أمامه
ليرد الأخير بهدوء
عثمان بيه إنت سيد العارفين ..